رأيسورية

السوريون في لبنان .. واقعٌ مأساوي وحلولٌ مجمدة !

حيدر مصطفى – بيروت ..

خاص – || Midline-news || – الوسط  ..

 كم سيتحمل السوريون واللبنانيون بعد من إرهاصات الحروب والصراعات السياسية المحلية الإقليمية والدولية ؟ سؤال مشروع نبدأ منه في توصيفنا للواقع المأساوي الذي بات يخيم على المشهد السوري في لبنان ، حيث زاد منسوب الحنق في الشارع اللبناني مؤخراً بسبب حالة التضخم الحاصلة في لبنان الصغير ، أزمة الوجود السوري في لبنان باتت تتفاقم يوماً بعد يوم .

ورغم مجموعة الفوارق الهائلة بين الوجود السوري اليوم وبين الوجود السوري السابق الذي انتهى عام 2005 ، إلا أن كثيرين من اللبنانيين ينظرون للحالي على أنه اللعنة الكابوس الذي لا يفارق بلدهم  ، هذا كلام يسمعُ في كثير من الأحيان .

جملة من الأسباب التي لا يسعنا التشكيك بواقعيتها تقف خلف تلك القناعة أو المطالب بضرورة إيجاد حل لمتلازمة الوجود السوري ، وأول تلك الأسباب أن نسبة كبيرة من اللبنانيين يعتقدون أن لبنان يدفع تكلفة وجود أكثر من مليون ونصف المليون سوري من جيوبهم  ، كما فقد آلاف اللبنانيين أعمالهم بسبب رخص أجور اليد العاملة السورية التي بات توظيفها يحقق المزيد من التوفير لرؤوس الأموال وأصحاب الشركات والمؤسسات ،

وزارة العمل اللبنانية تبذل جهوداً كبيرة لضبط عمليات الصرف ، إلا أن الأزمة المتفاقمة تتجاوز بحدودها طاقة مؤسسات إدارية بكل تأكيد ، وإذا أردنا أن نحدد بشكل تفصيلي سلبيات الوجود السوري غير الشرعي في لبنان يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:

  • تفاقم البطالة في أوساط النازحين السوريين.
  • انخراط البعض بأعمال غير قانونية تنعكس سلباً على الأوضاع الأمنية في لبنان .
  • أوضاع إنسانية ومعيشية قاسية وسيئة جداً بسبب الفقر الذي يعيش فيه نحو 70 بالمئة من السوريين في لبنان .
  • غياب الآلاف من الأطفال عن المدارس الأمر الذي ينذر بنشوء جيل مدمر ثقافياً وعلمياً .

وعلى خلفية ذلك بات الوجود السوري يشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل لبنان ، في ظل التراخي الدولي وعدم جدية الأطراف المعنية في الأزمة السورية بإيجاد حل ينهي معاناة السوريين في لبنان ، سواء من ناحية إيجاد متطلبات حياة كريمة أو من الناحية التنظيمية ، وهنا يتحمل جزء كبير من السوريين المسؤولية أيضاً بسبب عدم التزامهم بالقوانين التي وضعتها السلطات اللبنانية . فرغم وجود مبررات كثيرة نظراً لحالة الشتات التي تسببت بها الحرب الدائرة في بلادهم ، إلا أن عدداً كبيرا منهم لا يلتزم بقانون الكفالة الشخصية فيما لم يتقدم آخرون بطلبات إجازات عمل قانونية ، ورفض قسم آخر التسجيل بالمفوضية العامة للاجئين التابعة للأمم المتحدة .

وزير العمل اللبناني سجعان قزي ، طرح مبادرة أو خطة لحل أزمة السوريين في لبنان وصنفهم ضمن أربعة أقسام ، نازحون مع الدولة السورية ، نازحون مع القوى المعارضة ، ونازحون حياديون ، ومهاجرون ، وتعمد استخدام مصطلح “نازحون” سواء عن قصد أو عن غير قصد إلا أنها كلمة لها وقع أخف من كلمة ” لاجئون ” ، وبحسب التعريف الدولي للنازحين ” فهم الأشخاص الذين فروا من ديارهم لكن لم يجتازوا حدودا دولية ” ، وهنا ربما تعمد الوزير اللبناني مراعاة العلاقة التاريخية بين الشعبين السوري واللبناني .

تضمنت الخطة مجموعة نقاط يجب العمل عليها لإعادة ” النازحين السوريين ” إلى بلادهم ” 

  • أولاً : وضع رزنامة محددة على مدى سنتين ، ووضع برنامج شامل وتفصيلي يتم تنفيذه من اول كانون الثاني 2017 ويشمل التحضير لكل مراحل البرنامج.
  • ثانياً : يجب على الدول العربية التي لم تستضف النازحين والدول المانحة البدء برصد أموال ميزانية الخطة من الآن وتستكمل أواسط عام 2017.
  • ثالثاً : تشكيل لجنة إدارية من الدولة اللبنانية والأمم المتحدة برئاسة لبنانية للإشراف على عودة النازحين وتنظيم انتقالهم عبر الحدود أو غيره.
  • رابعاً : يؤلف لبنان لجنة عليا تضم 3 أو 5 شخصيات ذي قيمة تتولى عرض هذا المشروع على الدول العربية وغيرها والأمم المتحدة وإقناع الرأي العام الدولي به ، على أن تتولى الدول الكبرى ولا سيما اميركا وروسيا مسؤولية توفير الضمانات الامنية والحماية لكل عائد.
  • خامساً : التفاهم مع الدولة السورية والأفرقاء على الأرض” مشيراً إلى أن “تنفيذ الخطة الفعلي على الارض يبدأ من كانون الثاني 2017 وينتهي في تموز ويتضمن اختيار منطقة نائية نسبياً عن الجبهات العسكرية وتحويلها إلى منطقة آمنة برياً وجوياً لاستقبال النازحين ، وتحضير الوحدات السكنية في المنطقة الآمنة وتأمين مستلزماتها وحمايتها.

وفي تفنيد هذه الخطة ، يؤكد وزير العمل أنها تهدف لإعادة نحو ربع مليون نازح ممن لا تنطبق عليهم صفة النزوح الاضطراري إلى مختلف المناطق السورية حسب خيارات النازحين الشخصية ، على أن تتولى المفوضية العليا للنازحين دفع تكاليف وتعويضات عودة هؤلاء عبر قيمة مادية تدفع للنازح العائد فور عودته أو مساعدته على ترميم سكنه في منطقة العودة ، وتتولى لجنة فرعية من اللجنة اللبنانية الأممية مهمة اجراء اتصالات مع عدد من الدول الراغبة باستقبال نازحين بإطار سياسة الهجرة التي تعتمدها كل دولة ، على أن تتم من بعدها عملية مواكبة عودة نصف مليون نازح الى المساكن الجديدة في المنطقة الامنة بدءاً بالنازحين الذين يعيشون في ظروف صعبة، وتشمل هذه المرحلة بشكل خاصة المشتتين من مناطق بعيدة عن الحدود ، وعلى النازح أن يختار العيش في المنطقة الآمنة أو في أي منطقة سورية يطمئن للسكن فيها ، وسيتم التركيز على نقل النازحين الذي يقطنون في مناطق حدودية لخلق مناطق آمنة على الحدود السورية ، وتشجيع الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الناشطة الى جانب اللاجئين الى العمل من داخل سوريا.

النقطة الأهم الذي ركز عليها الوزير قزي ، أن هذه الخطة لا تشمل السوريين غير النازحين الذي يعملون شرعيا على الاراضي اللبنانية ، ما ينسف الإشاعات عن إجراءات جديدة للسلطات اللبنانية تنعكس سلباً على المقيمين قانونياً عن طريق الكفالات الشخصية أو إقامات العمل .

وفي وقت تبدو فيه خطة وزارة العمل اللبنانية الوسيلة الأجدى لحل جزء كبير من أزمة الوجود السوري في لبنان ، إلا أن الشروع بتنفيذها وإكمال بنودها أمر دونه الكثير من العوائق الحاضرة بطبيعة الحال ، أهمها عدم وجود جدية واضحة في التعاطي مع هذه المسألة من قبل الدول العربية والغربية ، لاسيما تلك الدول التي تتهرب من مسؤوليتها عن طريق طرح أفكار لا تناسب لبنان ولا السوريون في آن معاً كفكرة ” التوطين “، ويضاف إلى ذلك عدم قدرة الأمم المتحدة على إيجاد منافذ لتطبيق حل ناجع في ظل استمرار الصراع السياسي والعسكري على الأرض السورية ، لاسيما استمرار التنافر الحاصل بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية .

لاشك في أن وزير العمل اللبناني يعلم ذلك ، الأمر الذي دفعه للتأكيد على أن عودة النازحين السوريين تتطلب التعاون مع جميع المعنيين وتحديداً الدولة السورية وهذا موقف عملي لا سياسي ، وهنا تبرز المعضلة الأبرز في ظل توتر العلاقات الحكومية السورية اللبنانية وانقطاعها في أحيان أخرى ، الأمر الذي يتطلب عملاً حكومياً لبنانياً سورياً لإعادة ترتيب العلاقات بما يحقق مصلحة البلدين ، وهو الأمر الذي لا تبدو له ملامح واضحة لا في الوقت الحالي ولا في الأمد القريب ما لم يتم التحرك الجاد من قبل جميع الأطراف لإنقاذ من هم بحاجة وحماية المهاجرين الشرعيين الآخرين من سلبيات الوجود غير الشرعي للآخرين .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك