الحياة الخضراء من أجل بيئة نظيفة خالية من التلوث
م . رفاه رومية ..
|| Midline-news || – الوسط ..
مع تفاقم مشكلة التلوث البيئي الحاصل و الذي أدى إلى رفع درجة حرارة الأرض لدرجتين مئويتين للفترة السابقة للثورة الصناعية ، و مع الزيادة المتوقعة لدرجة حرارة الأرض كان لا بد من العمل الجاد و التعاون الدولي للحد من هذا التدهور المناخي .
يعتبر مفهوم التنمية المستدامة خطوة جيدة و مساعدة للحفاظ على كوكبنا الأرض فيما إذا تم تطبيقه بشكل فعلي بنواحيه الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية مساهمين في السيطرة على الاستنزاف الهائل للموارد الطبيعية بحيث نضمن لنا و للأجيال القادمة حياة صحية و بيئة مستدامة نعيش فيها مع مكوناتها بتناغم و أمان .
لو نظرنا لحياتنا اليومية في المنزل أو في العمل أو حتى في المدرسة هل تستطيع أن تلاحظ كمية الطاقة الضائعة بدون أن تستغلها أو تستفيد منها بأي عمل ؟ أو هل فكرت كم حجم الكربون المنبعث من هدر هذه الطاقة و بأنك قد ساهمت بزيادة التلوث المناخي بدون أن تدري ؟ . يمكن السيطرة على هذا الاستهلاك العشوائي و المؤذي لصحتك و لصحة الأرض إذا غيرت من نمط حياتك اليومي بشكل بسيط و مفيد بحيث تحقق توازن بين حاجتك اليومية من طاقة و بين حفاظك على المنظومة البيئية و هذا ما يمكن تسميته بالحياة الخضراء .
ماذا نعني بالحياة الخضراء ؟
تسعى الحياة الخضراء إلى تغيير نمط السلوك للمحافظة على البيئة بشكل عملي بدلا من الاقتصار على التوعية و المعرفة النظرية و التوجه بشكل فعلي لتطبيق التقنيات التي تعتمد على الطاقة المتجددة لتغطية استهلاكنا من الطاقة بأشكالها المختلفة و السعي إلى تحسين كفاءة الطاقة من حيث استخدام الأجهزة الكهربائية بشكل جيد و بمواصفات جيدة و بنفس المردود .
لا يقتصر هذا النمط الأخضر من الحياة على سلوكنا في المنازل بل يمكن إتباعه أيضا في العمل و في المدارس و الجامعات و حتى خلال التسوق فهي عملية متكاملة تشمل قطاعات الحياة بأكملها .
كيف يمكن أن نحيا حياتنا خضراء ؟
تشمل الحياة الخضراء عدة جوانب في حياتنا و يمكن تطبيقها بشكل بسيط و متناغم مع حاجتنا دون المساس أو التقليل منها ، و كما قلنا يمكن تطبيقها في عدة مجالات منها :
المنازل: يمكن أن نحيا بأسلوب صديق للبيئة و صحي لنا و أيضا أجدى اقتصاديا لو اعتمدنا بشكل أكبر على التقنيات الخضراء النظيفة في استهلاكنا للطاقة ، فيمكن استخدام الطاقة الشمسية في تزويدنا بالكهرباء من خلال الاستفادة من أسطح المنازل لتركيبها باعتبارها طاقة نظيفة لا تضر بالبيئة ، هنالك الكثيرون الذي يعتبروها ذات كلفة تأسيسية عالية لكن إذا نظرنا إلى المدى البعيد تعتبر أوفر بكثير لأنها تساهم في إلغاء الفواتير الكهربائية المستقبلية . و لا يجب أن ننسى أهمية الترشيد في الاستهلاك بحيث لا نستخدم الكهرباء إلا في حالة الحاجة إليها فلذلك دور كبير أيضا في التوفير الطاقي .
كما يمكن الأخذ بعين الاعتبار الطاقة المصروفة لتسخين المياه فهي تأخذ نسبة عالية من الفاتورة لكن باستخدام السخان الشمسي يمكن إلغائها تماما و خاصة في البلدان المشمسة فهذه التقنية ذات انتشار واسع جدا بفضل أسعارها المشجعة و المقبولة .
كما يجب أن لا ننسى تغيير سلوكنا في استخدام المياه ، فالحفاظ على المياه في النمط الأخضر أمر ضروري و أساسي جدا لما للمياه دور أساسي في حياتنا ، فلو وضعنا حد للاستهلاك العشوائي في الحمام و المطبخ لقدرنا على تحقيق توفير بنسبة جيدة و بالتالي تخفيض قيمة فاتورة المياه ، يمكن أيضا اللجوء إلى تجميع مياه الأمطار و الاستفادة منها في السقاية و الاستحمام و حتى الشرب بعد إجراء المعالجة لها . يبين الشكل التالي عدة جوانب يمكن تغيير نمط استخدامنا لها سنستعرض جزء منها .
من بين هذه النقاط:
- لا نستخدم الغسالة إلا في حال الامتلاء التام و ذلك للتقليل من عدد مرات الاستخدام .
- ينصح بالعزل الجيد للسخان الكهربائي و ذلك للحفاظ على درجة الحرارة لفترة أطول .
- التوفير في استهلاك الورق بحيث نطبع على الوجهين و بذلك نوفر نصف الكمية المستهلكة و بالتالي التقليل من الأخشاب المستخدمة في تصنيع الورق .
- يمكن الحد من هدر المياه في الحمام من خلال تقصير فترة الاستحمام .
- الاعتماد على الإنارة الطبيعية قدر الإمكان بالإضافة إلى استخدام المصابيح الموفرة للطاقة .
- يمكن إعادة استخدام بقايا الثياب في إزالة أثر المواد الكيمائية أو حتى في عمليات التنظيف .
المدارس : لقد بدأت الكثير من الدول بالاهتمام بالمدارس الخضراء (المستدامة) في الكثير من دول العالم و خاصة في أوروبا باعتبار أن الأطفال و جيل الشباب هم نواة المجتمع و قادر على التأقلم السريع مع النمط السلوكي الجديد و اكتساب المفاهيم البيئية الجديدة . إن الهدف الأساسي من هذه المدارس هو غرس الوعي منذ الصغر للقضايا البيئية و خلق الحس بالمسؤولية اتجاه المجتمع و الطبيعة المحيطة حيث لا يقتصر الدور في المدارس على التوعية فقط بل يجب ربطه بالتطبيق الفعلي من خلال اكتساب الطلاب خبرة التعامل البيئي السليم مع المخلفات و الزراعة و الاهتمام بالأشجار من خلال القيام بحملات تطوعية منظمة لتشجير الأراضي الجرداء لما لذلك من دور من الحد من ظاهرة الانبعاث الحراري أو يمكن المشاركة في الاهتمام بحديقة المدرسة و زراعتها بالنباتات و الشجيرات و توعيتهم بضرورة ترشيد استهلاك المياه و اللجوء إلى تجميع مياه الأمطار في سقاية نباتاتهم المدرسية ،كما أن إطلاق المسابقات تشجع على إظهار أفضل الممارسات الخضراء من منطلق المنافسة . كل هذه التطبيقات ستعزز لدى الطالب الوعي البيئي و ضرورة المساهمة بعملية الاستدامة سواء في المدرسة أو البيت أو حتى في الشارع .
أماكن العمل : لكل مؤسسة دور في هذا التلوث البيئي الحاصل باختلاف اختصاصها و حجمها ، لذلك كان لا بد من العمل لجعل هذه المؤسسات جزء من حياتنا الخضراء . إن لدور التوعية البيئة و زيادة التثقيف البيئي دور أساسي من خلال الندوات التعريفية بالمفهوم الأخضر و الاستدامة البيئية كما أن استحداث قسم خاص في كل مؤسسة أو مكان مهمته إدارة عملية التنمية المستدامة من شأنه أن يسّرع من خطوات هذه المنظومة لإتباع النمط الأخضر .
يمكن الاستفادة من الطاقات المتجددة في تحويل أجزاء من استهلاك الطاقة و إنتاجها بشكل نظيف باختلاف حجم هذه المؤسسات ، يمكن أيضا إطلاق حملات ضمن المكاتب للحد من هدر الورق مثلا يمكن تخصيص يوم في الشهر أو في السنة لوقف استخدام الورق أو تخفيض استخدامه حيث يساعد ذلك على توفيره و توفير المال أيضا ، و أيضا في مجال ترشيد استهلاك الطاقة يمكن لاستخدام المصابيح الموفرة للطاقة دور واضح في تخفيض الاستهلاك مع التوعية لأهمية الاعتماد على الإنارة الطبيعية قدر الإمكان و إطفاء الإنارة في حال عدم الحاجة لاستخدامها .
إن النمط الأخضر لحياتنا يمكن أن يشمل كل جوانب حياتنا اليومية في المنزل و العمل و الشارع و حتى عند التسوق ، إن شراء المنتجات المصنعة محليا له أثر بيئي ايجابي مهم فالمنتجات المستوردة قد كلفت الكثير من الوقود لتصل إلى بلدك و بالتالي تكون قد خفضت من نسبة الكربون المنبعث من عملية النقل هذه ، كما الاستفادة من الأغراض المستعملة لاستخدامات جديدة أو إعادة تدوير المعدات التالفة جانب مهم و مشجع لحياة مستدامة و نظيفة .