الحكومة لا تحل مشاكلنا .. هي أصل المشكلة/2/
|| Midline-news || – الوسط ..
“لا تخدع نفسك :ما تزال وسائل الإعلام تتبول على ساقيك وتقول إنها تمطر” قالها الكاتب الأمريكي غريغ بالاست في كتاب “أفضل ديمقراطية يستطيع المال شرائها “..
طبعا مشكلتنا في سورية ليست مع الديمقراطية التي تُشترى وتحدث عنها “غريغ” فهذا بات اليوم آخر همنا ومن ثقل الثمن الذي دفعناه تحت هذه اليافطة التي رفعها زوراً بعض السوريين منذ آذار العام /2011 /كرهنا من يتحدث عنها وعن مميزاتها وفوائدها اليوم نبحث عن النار التي تدفئنا ولا تحرقنا ولكن هناك من يقول لك في ” الإعلام الحكومي ” إنها وهي تحرقك تدفئك بطريقة ما غير أن معظم المواطنين السوريين خاليين من الحس والإحساس .
منذ أسبوع أو أكثر بقليل تغير المشهد الداخلي السوري في ميدان لقمة العيش والذي يفوق شراسة وصعوبة الميدان العسكري الذي تكفل به الجيش العربي السوري وحسم الكثير منه حتى مع العدو الأشرس “إسرائيل ” ، فعندما علت أصوات استصراخ السوريين لمعتصمهم من ظلم حكومتهم وتقاعسها عن حل مشاكلهم أو تأمين احتياجاتهم الأساسية المتوفرة بحكم الواقع والتجربة والبرهان جاءت للمسؤولين في الحكومة السورية الشعرة التي أنقذتهم وهي مشروع قانون العقوبات الأمريكية الذي لم يدخل حيز التنفيذ ولا ندري متى سيدخل والعقوبات الأوروبية على عدد من أصحاب رؤوس الأموال وشركاتهم التي يساهم جزء منها في مص دماء السوريين الفقراء والتي كانت بالأساس مفروضة على عدد منهم منذ سنوات .
في ثلاثة أيام نعم إنها ثلاثة أيام فقط اجتمعت الجهات المسؤولة عن الإعلام الحكومي وشبه الحكومي وكل المحللين “الحكوميين ” المسيسين وقلبت الموجة من خلال تجديد جدار العقوبات وإلباسه ثوب قيصر أو سيزر مطرزاً بعقوبات الإتحاد الأوروبي على الشركات الخاصة وبات الشغل الشاغل للسياسيين وللرأي العام السوري مشروع قانون العقوبات “قيصر- سيزر ” الأمريكي وعلى هذا الجدار علقت كل أسباب الأزمة المعيشية الخانقة التي يعيشها السوريون والتي بلغت ذروتها في الشهرين الماضيين حتى أن سبب فقدان أسطوانة الغاز هو” قيصر” والعقوبات على قياصرة المال في سورية،والكهرباء تقطع بسبب “قيصر ” والعقوبات على قياصرة المال كما أن ارتفاع الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية أكثر من /20 /في المائة أتى بعد الحديث والتوجه نحو جدار العقوبات .
العقوبات التي حملتها سورية والسوريين لنصف قرن من الزمن سواء كانت أمريكية أو أوروبية وتعايشوا معها حتى أنهم لا يستطيعون العيش من دونها أو الابتعاد عنها ولكن في هذه المرحلة باتت العقوبات خارجية وداخلية , الخارجية معروفة للجميع أما الداخلية وهنا أساس المشكلة فالحكومة عبر سياساتها غير الواضحة وترك عملها الأساسي لملاحقة المنتقدين والرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي كمراهق أو مهووس يهوى جمع الإعجابات “اللايكات ” ما تزال تخلق المشاكل المتلاحقة الصغيرة لإبعاد الرأي العام عن المطالبة بتحسين وضعه الاقتصادي
فاليوم لم يعد الكثير من المطالبين بتحسين واقع الأجور أو زيادة الرواتب فالحلم تحول نحو أسطوانة الغاز أو رؤية الكهرباء أو تأمين لتر من المازوت لمدفأة عشش فيها العنكبوت أو حتى ربطة خبز بشكل لائق من دون مضاعفة سعرها تحول حلمه نحو سعر معقول لوجبة من البطاطا في بلد زراعي كان يصدرها لدول المنطقة , هذه باتت أحلام السوريين اليوم حتى إدلب وتحريرها والانسحاب الأمريكي من سورية باتت مواضيع ثانوية يهتم بها المختصون في الشأن السياسي.
الأزمة المعيشية انتهت في الإعلام الحكومي وأشباهه وبات الحديث عنها ضرباً من الخيانة الوطنية ووقوفاً مع الخارج المتآمر على سورية وهي جملة يرددها وزراء ومسؤولين سوريين في لقاءاتهم على الإعلام وأحاديثهم الخاصة .
لا عجب..فمعظم وسائل الإعلام السورية ممولة بالكامل من الحكومة أو مسيطر عليها ولذلك هي اليوم ينطبق عليها ما قاله غريغ ” تتبول على أقدام السوريين وتقنعهم إنها تمطر عقوبات ”
يتبع
وسام داؤد ..صحفي سوري