أوروبا.. حين يكون لأصوات اللاجئين دور في رسم سياسة الهجرة!
|| Midline-news || – الوسط …
ذكرت العديد من المنظمات والجمعيات الأهلية التي تدافع عن حقوق المهاجرين أنه يتم استبعاد المهاجرين واللاجئين في أوروبا من المشاركة في القرارات التي تتعلق بهم، لكن يبدو أن “المجلس الأوروبي الاستشاري للهجرة” يريد تغيير ذلك، فيسأل المهاجرين عن آرائهم ليكون لهم دورا في صياغة السياسات.
“يغضب اللاجئون والمهاجرون عندما لا يتم أخذهم على محمل الجد”، هكذا تقول “أنيلا نور”، التي تتحدّث عن هذا الموضوع انطلاقا من تجربة شخصية، فهي مولودة في باكستان لكنها تعيش الآن في هولندا، كما أنها تعرف معنى أن يشارك المهاجرون واللاجئون مع أقرانهم في مؤتمرات رسمية حول هذا الموضوع، والتي تُمكّنهم من سرد قصص معاناتهم. تقول نور: “صناع القرار يحبون أن يسمعوا شهادات عن رحلة شاقة في قارب للمهاجرين لكنهم أقل اهتماماً بالاستماع لأفكارنا”.
تعتقد نور أن الوقت قد حان للتقليل من السياسات الرمزية وللإدراك الحقيقي لقيمة خبرات المهاجرين من أجل حل المشاكل المتعلقة بهم.
“أنيلا نور” هي ليست فقط ناشطة تدافع عن حقوق الإنسان، بل أيضا عضو في “المجلس الأوروبي الاستشاري للهجرة”، والذي يضم شخصيات من أصول مهاجرة تحاول تعزيز دور المهاجرين واللاجئين في صنع السياسات.
ويبدو أنه من الضروري أن تكون الخطوة الأولى لتعزيز دور المهاجرين في اتخاذ القرارات هي أن يتم أخذ وجهات نظرهم في مجموعة من المواضيع التي تتعلق بهم، بما فيها الإسكان، والتوظيف، والاندماج، وأوضاع اللاجئين القاصرين غير المصحوبين بذويهم، بالإضافة إلى العودة إلى البلد الأصلي. وهو ما تم عن طريق طرح مجموعة من الأسئلة على أكثر من /500/ لاجئ يعيشون في سبع دول أوروبية هي: ألمانيا، واليونان، وإيطاليا، وإسبانيا، والبرتغال، وهولندا، وفنلندا، وقد أظهرت الإجابات وجود فجوة بين السياسة الرسمية لتلك الدول …ورغبات الناس الذين تؤثر فيهم هذه السياسة.
فقد جاءت إفادات المهاجرين واللاجئين بأنهم جميعاً تعرضوا لمواقف فيها تمييز، وقد أثار هذا الموضوع لدى كثيرين منهم مشاعر الحزن والشعور بالإهانة أو عدم الرضا. ولم يقتصر التمييز على الشارع فقط، بل في القدرة على إيجاد عمل أو استئجار شقة.
الاندماج أيضاً كان نقطة ركزت عليها الإجابات، حيث قال معظم المهاجرين إنهم غير راضين عن خدمات الاندماج التي تقدمها الدول التي يعيشون فيها. واشتكى جميع من يعيشون في “اليونان” مثلا” من عدم وجود دورات للاندماج، وقال بعض الذين يعيشون في “إيطاليا” إنه يتم الترويج لـــ”الانصهار” على أنه “اندماج”.
كما أن عدداً كبيراً من المهاجرين واللاجئين وجدوا صعوبة في الحصول على عمل بسبب صعوبة تعلم لغة الدولة التي استضافتهم. ففي “ألمانيا”، قال العديد من المهاجرين إن تعلّم اللغة الألمانية يمثل تحدياً، ويحتاج وقتاً أطول من الوقت المخصص له في دورات الاندماج.
وفي “اليونان” و”إيطاليا” يعمل المهاجرون عادة لساعات طويلة (من 12 إلى 14 ساعة في اليوم) وبأجور منخفضة، وهذا ما لا يترك لهم المجال للقيام بأنشطة أخرى.
أما المهاجرون الذين وصلوا إلى أوروبا قاصرين غير مصحوبين بذويهم، فقد أجابوا بأنهم لا يشعرون بالحماية الكافية، كما أنهم يشعرون بالتمييز أو العنصرية تجاههم، وخاصة عند تقييم أعمارهم. ففي “هولندا” مثلاً ..قال قاصرون إنه تم تحديد أعمارهم عن طريق التخمين. وقد أجمع المهاجرون على أن الكثير من الموظفين يفتقرون إلى التعاطف مع القاصرين غير المصحوبين.
و بالرغم من الجهود الكبيرة للدول الأوروبية من أجل تشجيع المهاجرين على العودة إلى بلدانهم الأصلية، لم يكن الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات على علم بعروض تشجيع العودة. وحينما تم اطلاعهم على مبادرات العودة، لم ينظروا إليها كـ”تشجيع للعودة” بل كـ”ضغط للعودة”.
ووفقاً لـ ” المجلس الأوروبي الاستشاري للهجرة”، فإن الكثيرين من المهاجرين واللاجئين ينظرون إلى احتمال العودة بألم شديد لأن ذلك يعني لهم البدء من جديد. وبحسب الإجابات، فإن أكثر من نصف المهاجرين لا يفكرون بالعودة إلى بلدهم الأصلي ولا يفكرون بالانتقال إلى بلد ثالث، كما أنهم يفضّلون أن تستثمر الدول الأوروبية في جهود الاندماج بدلاً من الترحيل القسري.
و قد خلصت النتائج الى أن المهاجرين واللاجئين في جميع الدول التي شملها هذا الاستطلاع يشعرون أن أوروبا تنظر إليهم كمشكلة يجب إدارتها، ويبدو أن سبب ذلك هو أن صناع القرار “جالسون في بيوتهم ولا يوجد تواصل بينهم وبين اللاجئين”.
لذلك، يسعى العديد من المتابعين و الناشطين في مجال إدارة شؤون اللاجئين لوضع بدائل تتوافق و أضاع القدمين الجدد ، و هم يرون أن الحل يكمن في تغيير النظرة إلى المهاجرين واللاجئين، والكف عن النظر إليهم كعبء، بالإضافة إلى إشراكهم في المجتمع.