من وارسو إلى سوتشي ..أعداء الأمس حلفاء اليوم ؟؟
|| Midline-news || – الوسط …
بعيدا عن المواقف والبيانات والأزمات والتطبيع وصفقة القرن والمنطقة العازلة وجبهة النصرة وحل الأزمة السورية والاتفاق النووي الإيراني والعداء لإيران وارتفاع أسعار النفط وسياسية الإرغام الأمريكية الجديدة وكل ما هو آني وطارئ ومستجد من قضايا إقليمية ودولية, كان بالأمس ,في 14/2/2019 مشهد دولي لافت وفارق ومميز يعطي مؤشرات كبيرة أو ملامح لتشكل التحالفات والمصالح الجديدة ,بين وارسو و سوتشي الكثير مما يجمع وأكثر بكثير مما يفرق .
في وارسو ,عاصمة الحلف العسكري والسياسي والإيديولوجي الشيوعي لنصف قرن من الزمن إبّان الحرب الباردة ,جمعت الولايات المتحدة دولا كانت فيما مضى ساحة حرب خفيّة وعلنية مفترضة بين موسكو و واشنطن في أوروبا الشرقية, بينما وبذات التوقيت اجتمع في سوتشي الروسية ,أكبر قوتين إسلاميتين مناهضتين للفكر والإيديولوجيا السوفيتية الشيوعية السابقة إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ,صاحب الإرث الأمني السوفيتيي “KGB ” والمتهم بمحاولة إعادة هذا الإرث بشكل جديد وثوب غربي عبر “ليبرالية منضبطة ” تسير فيها روسيا و تحقق حضورا وإنجازات سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة على الساحة الدولية , وهو ما يدفع بأعدائها القدامى الجدد إلى استحضار التاريخ لاستعدائها من جديد وشيطنتها على طريقة وزير الدفاع البريطاني جاڤين وليامسون، الذي تحدث في افتتاح مؤتمر ميونخ للأمن عن عودة العدو والخصم “الروسي ” القديم للظهور من جديد, وكان سبقه وزير الخارجية الأمريكي ,مايك بومبيو من سلوفاكيا, التي كانت جزءا من جمهورية تشيكوسلوفاكيا الشيوعية والعضو المهم في حلف وارسو مستحضرا الذكرى الـ30 لانهيار المنظومة الشيوعية, وقال بومبيو : إن ’’الصين “الشيوعية ” و روسيا ” غير الشيوعية ” تشكلان تهديدين للمكاسب الديمقراطية وحرية السوق التي تحققت منذ سقوط جدار برلين في عام 1989 ,وأضاف أن بلدان أوروبا الشرقية والوسطى “معرضة بشكل خاص للاستثمار المفترس والتدخل السياسي’’.
موسكو ,المتهمة دائما بتاريخها الشيوعي أو القيصري ,تحاول اليوم انتزاع حقّها الدولي كأمة تستطيع المشاركة في قيادة العالم وفرض أخلاقياتها ومصالحها من فك الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية التي افترست كل شيء في العالم وطبقت عليه قوانينها الداخلية, حتى باتت كل دول العالم مزارع أمريكية يديرها الوكلاء والشركات فقط .
عندما تضع روسيا يدها بيد من كان يناصبه العداء بحكم الأيديولوجيا والسياسة ” إيران وتركيا ” ولو تحت عنوان حل الأزمة السورية ,فهي تحاول رعاية ومشاركة وتنظيم ودفع قوى إقليمية كان لها تاريخ إمبراطوري قديم في المنطقة في المواجهة نحو عالم متعدد الأقطاب ,فهي تمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة قادرة على تأمين الحماية العسكرية وتخلصت من الجمهوريات التي كانت تشكل عبئا استراتيجيا عليها مثل دول البلطيق ودول أوروبا الشرقية باستثناء ألمانيا ,وتمتلك أيضا اقتصادا قويا منتجا وفعالا منخرطا بشكل عضوي بالاقتصاد العالمي. وكذلك الشعب الروسي اليوم يعيش في وضع اقتصادي مريح يجعله من الشعوب الأكثر سياحة في العالم فتركيا مثلا زارها قرابة 6 مليون سائح روسي ,وفق ما أكد وزير الثقافة والسياحة التركي .
تحاول روسيا استخدام أسلحة الولايات المتحدة التي هزمت بها سابقا , وهي البراغماتية السياسية والاقتصادية والنفس الطويل في التعامل مع أعداء الماضي ,الذين لا يتركون روسيا حتى لو تركتهم و صنفتهم شركاء بدل أعداء, وهو ما دأب المسؤولون الروس على مخاطبة الولايات المتحدة والدول الأوروبية بـ”الشركاء ” ولكن هذا لا يفيد فالمسافة بين واشنطن وموسكو تطول أكثر وأكثر وتبتعد مواقف الدولتين العظميين في حل أزمات العالم , وباتت زاوية الرؤية تزداد انفراجا حتى وصلت حدود 120 درجة وفي بعضها 180 درجة كما هوالحال في سورية وفنزويلا وإيران ,ويجري في عهد إدارة الرئيس ترامب رفع جدار اقتصادي وعسكري مع موسكو كما يجري بين الولايات المتحدة والمكسيك, لكن بأموال ودماء شعوب فقيرة في شرق وغرب وجنوب الكوكب وليست بأموال قانون الطوارئ الأمريكي الذي فرضه ترامب ليمتلك 8 مليارات دولار .
عندما قررت موسكو اللعب بأدوات الغرب والاستفادة من التناقضات بين الحلفاء السابقين أتت واشنطن ووصلت بحلفها “الناتو ” إلى حدود روسيا “الحالية ” وطوقتها وطورت ديناميكية الإرغام باستخدام أدواتها المالية والاقتصادية كما تفعل اليوم عبر مسلسل العقوبات الذي لا ينتهي مع روسيا و الصين وإيران وفنزويلا وسورية وحتى كوريا الشمالية, بل حتى الدول التي لا تلتزم بما تفرضه واشنطن, حتى لو كانوا من الحلفاء والأصدقاء للولايات المتحدة الأمريكية كما يجري اليوم بين الدول الأوروبية مع إيران والشركات الألمانية والغربية المساهمة في خط غاز” نورد ستريم2 ” الروسي الذي يؤمن إمدادات غاز كافية لألمانيا وأوروبا .
في عهد الإدارة الأمريكية الحالية ” إدارة ترامب ” ,يجري تكريس وتطبيق مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق, جورج بوش الابن بعد أحداث 11 أيلول عام 2001 ” من ليس معنا فهو ضدنا ” ولكن ليس عسكريا هذه المرة بل اقتصاديا وبالعقوبات ,ولعل برهان ذلك تهديد ترامب لأردوغان عندما عارض الأخير استراتيجية الانسحاب الأمريكي من سورية بالقول ” سندمر تركيا اقتصاديا ..إذا هاجمت حلفاءنا “.
|| Midline-news || – الوسط …