زياد دويري .. تطبيع واضح وأفلامه تدس السم في عسل الفن ..
|| Midline-news || – الوسط ..
” أفريقيا ترفض التطبيع ” ، تحولت هذه العبارة إلى وسم على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، وكان مطلقوها ينادون بإيقاف ومقاطعة “القمة الأفريقية الإسرائيلية” التي تقام في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل في توغو.
البيان الذي أطلقه الناشطون في حركة المقاطعة من أفريقيا، حذّر من معنى أن تملأ ” إسرائيل” فراغ الغياب العربي في المشهد الأفريقي، وكيف سيؤثّر ذلك على القضية الفلسطينية.
حدث ذلك بينما وقف المخرج اللبناني زياد دويري وقال للكاميرا ” أنا مجروح جداً “، ومستغرب كيف أنه أتى إلى بيروت ممتطياً أسد “البندقية”، فاستقبل بإحالته إلى محكمة عسكرية. بل إنه دويري يملك من الوقاحة على الإجابة عن سؤال أمام المحكمة قائلاً : “أنا لم أطبّع مع إسرائيل ، أنا ناضلت من أجل القضية الفلسطينية”. فكيف كان شكل هذا النضال؟ بالتطبيع مع الاحتلال والإقرار بأن لا مشكلة لديه مع استعمار إحلالي أسّس نظام فصل عنصري.
علينا أن نعترف نحن من نعتبر قضية فلسطين بارومتر إنسانيتنا أن منسوب التطبيع يرتفع ، يريد أن يغرقنا تحته ، فتارة يربط التطبيع الديني ، زوراً ، (زيارة الأماكن المقدسة المسلمة والمسيحية في الأراضي المحتلة) بنصرة فلسطين ، وتارة يأتي من يرى في التطبيع الأكاديمي والثقافي والفني (الظهور في قنوات العدو أو المشاركة في مسابقاته أو مسابقات ينافس فيها) بحرية التعبير والإبداع.
وسادت عاصفة هوجاء الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي ، على خلفية توقيف المخرج دويري، والتضليل المكثف الذي سعت اليه بعض المنابر ، عبر تظهير الأخير على أنه ضحية أصوات تغار من أعماله ، وأن توقيفه مناف لمبادىء الحريات والإبداع ،وأن القضية ليست قضية التطبيع مع «إسرائيل»، بل ذهاب مخرج لبناني الى الأراضي المحتلة ومكوثه هناك لأكثر من 11 شهراً بغية تصوير فيلمه السابق «الصدمة». منابر أخرى رأت بوضوح أن هذا تطبيع واضح ، أكان في السياسة أو السينما ، وهذا التطبيع يمتد من فايز كرم ليصل إلى زياد دويري ، مع التنويه بأعمال الأخير التي تسعى الى «تنظيف المجتمع الإسرائيلي»، مع تشبيهه بـ «أبو طاقية» النسخة الليبرالية منه.
وفي تقرير لقناة الجديد تم تفنيد خطورة فيلم «الصدمة» بالأدلة ، وتظهير موقف واضح من التطبيع. وأسهمت الأسئلة التي وجهها المراسل الى دويري بعيد خروجه من التحقيق، بإثارة غضبه وحتى فقدانه صوابه، وشتمه المحطة وتفوهه بألفاظ نابية خارج عدسات الكاميرات .واعتبر القصة تختصر بالتصويب على فيلمه الجديد «قضية 23»، وعلى نجاحاته عالمياً !.
منسوب التطبيع يرتفع ، وفي حين تأخذ تكتلات ثقافية وأكاديمية وعمالية (مثال ذلك “جمعية الأنثروبولوجيين الأميركيين”، و”اتحاد عمال كندا”، وغيرها) قرارات صارمة لمقاطعة الكيان الصهيوني، نجد محاكمات مريرة وخلطاً للأوراق السياسية لكل من تسوّل له نفسه محاسبة المطبّع، سنقرأ لشرفاء سابقين يدافعون عن أمين معلوف، وسنجد عنصريين مخضرمين يهتفون لزياد دويري.
ما الفرق بين هؤلاء وبين التكتلات الصهيونية في أوروبا وأميركا التي لا تتسامح البتة مع المدافعين عن القضية الفلسطينية؟ ما الفرق بينهم وبين اللوبي الصهيوني في نيويورك الذي يكافح لإصدار قانون يجرّم “حركة مقاطعة إسرائيل”؟
الموجة ترتفع، وزياد دويري “مجروح” ويريد أن يحاسب من تسبّب في جرحه… فعلاً!
الأسئلة المهنية التي وجهت لدويري وتتعلق بالتطبيع وبذهابه الى الأراضي المحتلة ، كانت كفيلة بتظهير المشهد الإعلامي اللبناني الخافت الذي إما كان صامتاً ومتفرجاً ، أو ملمعاً لصورة دويري ويبخس من ذهابه الى فلسطين .