رفاه رومية – محطات الطاقة الشمسية المركزة : من حرارة الشمس تنتج الكهرباء ..
|| Midline-news || – الوسط – خاص ..
إن التوجه إلى استغلال الطاقات الطبيعية المتجددة بات مطلبا ضروريا في ظل الاستهلاك المتزايد للطاقة المرتبط بالارتفاع السريع لعدد السكان و التطور الصناعي و الاقتصادي العالمي المتسارع و الذي رافقه المزيد و المزيد من الانبعاثات الكربونية الملوثة و المهددة لتوازن النظام البيئي لكوكبنا الأرض ، و تعتبر الطاقة الشمسية من أهم هذه المصادر النظيفة التي باتت محط أنظار العديد من الباحثين و الخبراء و المستثمرين الذين مازالوا يسعون للتوصل إلى أفضل الطرق للحصول على أكبر طاقة ممكنة منها و توظيفها في العديد من القطاعات العملية بغية التخفيف من الاعتماد على مصادر الوقود الاحفوري و التوجه نحو حياة أكثر استدامة و اعتماد على التقنيات الخضراء الصديقة للبيئة .
يمكن استغلال الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء من خلال توليد جهد كهربائي نتيجة الضوء الساقط على الخلايا الكهروضوئية و بالتالي الحصول على تيار كهربائي ، و يمكن أيضا الاستفادة من حرارة الشمس في تطبيقات مختلفة كتبخير المياه و الاستفادة من البخار في تدوير العنفات اللازمة لتوليد الطاقة الكهربائية ، و لا تقتصر استخدامات الطاقة الشمسية فقط على توليد الكهرباء بل يمكن الاستفادة منها في عملية الطبخ و تجفيف المحاصيل الزراعية و التبريد و تحلية المياه .
هنالك أكثر من نظام لعمل محطات الطاقة الشمسية الحرارية أو يمكن تسميتها بالمركزة concentrating solar power CSP) )كما هو مبين في الشكل أسفل ومنها ما يعتمد على نظام القطع المكافئ و التي تعمل على تركيز أشعة الشمس المنعكسة على مرايا خاصة إلى أنبوب يحتوي على سائل ناقل للحرارة الذي بدوره يعمد إلى نقل هذه الحرارة التي يستفاد منها في الحصول على البخار اللازم لإعطاء الحركة لعمل المولدات الكهربائية ، أيضا لدينا المحطات ذات الأبراج المجمعة و التي تعتمد على تركيز أشعة الشمس على هذا البرج من خلال المرايا الموزعة على كافة المساحة المحيطة به و تتميز هذه المرايا بخاصية التتبع الاتوماتيكي لحركة الشمس بغية الحصول على أعلى درجة حرارة و بالتالي رفع كفاءة المحطة بالمجمل .
يمكن الحصول على درجات حرارة مختلفة من الطاقة الشمسية و ذلك حسب التطبيق التي نحتاجه لذلك فقد قسمت هذه الأنظمة إلى ثلاث مستويات حسب درجات الحرارة كأنظمة التسخين و التبريد المنخفضة الحرارة و ذات الحرارة المتوسطة والتي يمكن الاستفادة منها في الطبخ و تقطير المياه أو ذات الحرارة المرتفعة و التي قد تصل ال1000 درجة مئوية و التي تستخدم في الحصول على البخار المحمص لتوليد الطاقة الكهربائية كما تم ذكره سابقا .
حسب التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ايرينا و الذي كان بعنوان (Renewable energy statistics 2017 ) فقد بلغت قيمة الطاقة المنتجة عالميا من الطاقة الشمسية المركزة حوالي 4.7 غيغا وات في عام 2016 حيث احتلت أوروبا النسبة الأعلى بالإنتاج بحدود 2.3 غيغا وات و قد سيطرت اسبانيا تقريبا على مجمل الاستثمارات بهذا المجال
يبين الشكل التالي مقدار التزايد في الإنتاج عالميا من عام 2004 حتى 2021 حيث يظهر لنا دخول دول أخرى إلى جانب اسبانيا و أميركا في مجال الطاقة الشمسية المركزة من عام 2013 كأستراليا بالإضافة إلى نشوءها بشكل ملحوظ و متسارع في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و الصين Middle East and North Africa( MENA) وذلك كما جاء في التقرير الصادر عن مختبر الطاقة المتجددة الدولي في الشهر الأول لعام 2017 National Renewable Energy Laboratory (NREL) و الذي يتحدث عن الطاقة الشمسية المركزة .
هنالك العديد من المشاريع الشمسية الحرارية في الدول العربية أهمها في المغرب حيث تبلغ قدرة محطة نور 1 و التي تعد من أكبر المحطات عالميا حوالي 180 ميغا واط و التي تعتبر مرحلة أولى من المشروع الذي يهدف إلى تركيب 580 ميغا واط عند انتهائه ، و لدينا أيضا عدة مشاريع مقامة في الإمارات العربية المتحدة و أخرها في دبي حيث أعلن حاكمها منذ عدة أيام عن افتتاح أكبر مشروع عالمي للطاقة الشمسية المركزة بتكلفة تصل إلى 14 مليار درهم و استطاعة 700 ميغا واط والذي يشمل أعلى برج عالمي و يصل ارتفاعه إلى 260 مترو يأتي ذلك ضمن إستراتيجية طويلة للطاقة في دبي لجعلها المدينة الأنظف بيئيا بحلول عام 2050 .
يبين الشكل التالي التوزع العالمي لمحطات الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء بأنواعها المختلفة و ذلك حسب التقرير الصادر عن مختبر الطاقة المتجددة الدولي NREL .
لقد انخفضت كلفة إنتاج الواط الساعي من الطاقة الشمسية المركزة خلال الأعوام الماضية بشكل ملحوظ و قد ساعد في ذلك السياسات المتبعة لنمو استثماراتها عالميا و دعم أسواقها الناشئة و تقديم التسهيلات الحكومية للدخول في هذا المجال من خلال دعم الأبحاث العلمية لتطوير التقنيات القائمة عليها ، و كما هو معروف مع كل مشروع جديد و توسع في الاستثمار سيرافقه أيضا انخفاض في أسعار التكلفة ، فحسب البنك الدولي فقد انخفضت كلفة الإنتاج لمحطة نور في المغرب من 0.245 دولار لكل كيلو واط ساعي في المرحلة الأولى من المشرع إلى 0.19 كيلو واط ساعي في المرحلة الثانية و التي تعتبر أمر جيدا و محفزا لمزيد من الاستثمارات .
إن الطاقة الشمسية طاقة نظيفة و متجددة و قد أصبحت من أقوى المصادر من حيث الاستثمار و انخفاض تكاليف إنتاجها بالإضافة لتطبيقاتها الواسعة سواء الحرارية أو الكهربائية جعل من أسواقها محط أنظار العديد من المستثمرين و الحكومات و المنظمات التي تعنى بأمور البيئة مما أكسب القائمين عليها زخم لمواصلة تقدمها المتسارع في عالم الطاقة و الرفع من موثوقيتها كمصدر يمكن الاعتماد عليه في المساهمة في تغطية الطلب المتزايد على الطاقة .