بقيةٌ لأحلام .. بقلم مازن عجيب ..
|| Midline-news || – الوسط ..
ربما تكتب الشيء و نقيضه و تحصل على الإعجاب من الجمهور نفسه ، المشكلة ليست فيما تكتب وانما في الجمهور ، لم يعد ثمة متلقون أو قرّاء ، ولم يعد لديك أدنى قدرة على اختيار البيئة أو المنبر الذي تستطيع به أن تعطي رأياً او تدوّن بعضاً من الأفكار ، هي ساحةٌ مفتوحة و هامشُ الخصوصية فيها بات مخترقاً في ظل المجاملات الاجتماعية القاتلة .
عندما تتكلم عن الله فأنت تسترعي انتباه / المتدينين / ، لكنك في الوقت نفسه عرضة لجمهور عريض من فلاسفة الإلحاد و اللامبالون ، والمنبر متاح للجميع ، كذلك الأمر عندما تكتب عن الواقعية ، لكن بصورة مقلوبة ، لاشيء مغلّف بالخصوصية متاحٌ لك ، وبكل بساطة أنت تقبع في منزلٍ داخل حي شعبي جميع أبوابه ونوافذه مشرعة ، وللأسف ستبقى مضطرا لرؤية ما يمارسه الجيران في مختلف جوانب حيواتهم ، ولاستشاق روائحَ ما يطبخون ، كما هو الحال بالنسبة لك ، لن تكون بمعزل عن المحيط ، هي الفوضى ذاتُها التي تحدثنا عنها مراراً ، الفضاءُ الاجتماعي المفتوح دون أي ضوابط أو تحكم .
الأمر محضَ إرادة لتمتلك القدرة على التخلي أو التحكم ، جميعنا ننمي تقنياتنا ،ولا نتذكر أن ننمي أنفسنا أو تفكيرنا ، لم يكن الله يوماُ ظالماً و قد ارتبط اسمه بالعدل ، فكيف تريدني أن أقتنع أن الإنسان في الشمال لديه قدرات ذهنية أكثر من إنسان ، وذكاء الغربي أكثر من الشرقي .
عموماً ، هي البيئة ، هو المحيط ، هو المجتمع ، وهي الأخلاق ، كل ماسبق مجتمعاً قد يمهد السبيل لخلق إنسان لديه القدرة على التنمية ، على البناء ، على اجتراح الحلول .
هي تحدٍ مزيف بين الواقعية و الغباء ، هي المسافة بين الإيمان الحقيقي والتطرف ، وبين الثقة و الفقر ، هي تلك العوامل التي بتوافرها يتحرر العقل وتجعله يفكر بالاتجاه الصحيح بعيدا عن الجوع و الخوف و القلق .
هي بعضٌ من ضميرٍ عام يعطيك شيئاً من الطمأنينة و الهدوء ، هي الثقة بأنك لن تتجرع القهر عنوة من غير رقيب أو حسيب ، هي المسافة بين العلم و التخريف ، بين الصلاة الخالصة لإله واحد ، وبين ممارسة طقوس الأباء و الأجداد .
لم يعد هناك متسع من الأمل ، والشمس بدأت رحلتها نحو الغروب ، وما بين غروبها وشروقها من جديد ، ثمة بقيةٌ لأحلامٍ بدأنا نحلمُ بأن نحلمها .